'الجمهورية الإسلامية تنتهج سياسة عدائية ممنهجة ضد اللاجئين الأفغان'

أكدت الناشطة إلهه صدر، أن النظام الإيراني يوظف سياسات ممنهجة لتأجيج خطاب الكراهية ضد اللاجئين، في محاولة لاستعادة شرعيته المتداعية داخلياً ودولياً، داعيةً إلى اتباع نهج "الخط الثالث" كمسار لمواجهة السياسات الاستعمارية.

شهلا محمدي

مركز الأخبار ـ بعد انتهاء الحرب التي دامت 12يوم أطلقت السلطات الإيرانية حملة ترحيل جماعي تستهدف اللاجئين الأفغان، في ظروف وُصفت بغير إنسانية وترافقت مع اتهامات بـ "التجسس" و"التعاون مع إسرائيل".

لطالما كان اللاجئون الأفغان في إيران الشريحة الأكثر ضعفاً في المجتمع، والآن بعد انتهاء حرب الاثني عشر يوماً بين إيران وإسرائيل، بدأت السلطات الإيرانية حملة ترحيل جماعي للاجئين بذريعة وصفهم بـ "الجواسيس"  في الوقت الذي أُرسل آلاف الأفغان إلى الحدود في ظروف غير إنسانية ليتم رفضهم. وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة عاد منذ بداية حزيران/يونيو الفائت أي خلال الـ 38 يوماً الماضية نحو 450 ألف مواطن أفغاني إلى بلادهم من إيران وأُلقي القبض على العديد من هؤلاء المواطنين، ووجه إليهم تهماً تشمل "التعاون مع إسرائيل" و"التجسس لصالحها" وتُعاد العديد من هذه العائلات إلى أفغانستان في ظلّ وضعٍ يُعرّض أمنها للخطر في بلدها ويُرجّح أن يواجهوا السجن والتعذيب.

وحول الأسباب التي يتم فيها ترحيل اللاجئين الأفغان في ظل هذه الظروف قالت الناشطة النسوية والسياسية إلهه صدر إن قضية اللاجئين الأفغان في إيران ليست قضية بسيطة أو جديدة فقد تعرضوا للقمع والتميز لسنوات طويلة ويتم استغلالهم كعمالة رخيصة يحصل العمال الأفغان على أجور أقل بنسبة تتراوح بين 40% و60% من العمال الإيرانيين، ويفتقرون إلى التأمين ولا يملكون عقوداً رسمية ولا يستطيعون استئجار منزل ولا حتى بطاقات SIM، ولا يحق لهم الاحتجاج النقابي، وتشير الإحصاءات إلى أن صافي ربح الرأسماليين يتراوح بين 5 و8 مليارات دولار من هذا الفارق في الأجور بين الإيرانيين والأفغان.

وأشارت إلى تعرض النساء الأفغانيات لتمييز شديد في إيران "بسبب عملي أتواصل مع لاجئين أفغان وجنسيات أخرى أسمع منهم الكثير من الشكاوى حول أوضاعهم في إيران وأنهم لا يتمتعون بحق التعليم وأن الرجال والنساء الأفغان المتزوجين من إيرانيين يتعرضون لتمييز شديد، حيث لا يحصل أطفالهم على شهادات ميلاد لسنوات بشكل عام، لم تنشأ قضية اللاجئين الأفغان بين عشية وضحاها ولكن ما حدث في الجمهورية الإسلامية مع انهيار شرعيتها والأزمة الاقتصادية وعزلتها العالمية دفعها إلى خلق عداوة داخلية لنفسها". 

وفي إشارة إلى اتهام "التجسس" الموجه للاجئين الأفغان قالت إلهه صدر "إن هذا الفعل يُرتكب لمحاولة استعادة سمعته التي فقدها، الأمر لا يقتصر فقط على المهاجرين من أفغانستان، بل تم اعتقال أكثر من ٧٠٠ مواطن إيراني بتهمة "التجسس" أيضاً، من يصدق أن اللاجئين الأفغان لديهم أصلاً الظروف التي تمكنهم من القيام بمثل هذا العمل؟ بدلاً من النظر في خيانة قادتهم، جعلوا من اللاجئين الأفغان ذريعة لتبرير ذلك".

 

تنظيم الكراهية ضد المهاجرين بوسائل ممنهجة

وترى إلهه صدر أن النظام الإيراني ينتهج سياسات ممنهجة تهدف إلى تأجيج الكراهية ضد اللاجئين الأفغان، مشيرةً إلى أن وسائل الإعلام مثل قناة "صدا" و "سيما" ووكالتي "فارس" و"تسنيم" تلعب دوراً محورياً في هذا النهج من خلال تصويرهم على أنهم "جواسيس" و"إرهابيون"، مما يثير الرأي العام ضدهم "أن هذه السياسات فاشية ممنهجة، ولا تقتصر على التعامل مع اللاجئين، بل تمتد أيضاً إلى قمع القوى الثورية داخل إيران نفسها، حيث تُطبق تلك السياسات الفاشية من قبل النظام بشكل مدروس ومخطط له".

وعن التوافق بين بعض وسائل الإعلام وسياسات النظام الإيراني، لفت الانتباه بشكل خاص إلى ما وصف بتواطؤ وسائل الإعلام الفارسية الناطقة خارج إيران مع هذه السياسات، مضيفةً أن تلك الوسائل رغم تأييدها السابق للهجمات الإسرائيلية ضد إيران، باتت تتماهى الآن مع موجة الفاشية المتصاعدة ضد اللاجئين الأفغان. وطرح تساؤلات حول الأسباب التي دفعت هذه المنصات الإعلامية إلى هذا الانسجام في الخطاب.

وقالت إن كل من يعارض النظام الإيراني ويؤيد إسقاطه يمثل قوى ثورية وديمقراطية وهذا برأي تصور خاطئ، فالقوى اليمينية خارج إيران رغم إعلانها العداء لجمهورية إيران الإسلامية، تروّج لسياسات مشابهة لتلك التي ينتهجها النظام الإيراني، خصوصاً فيما يتعلق بالتمييز ضد النساء السياسات غير الديمقراطية والانتهاكات الإنسانية لا سيما تجاه اللاجئين الأفغان "أن الحرب الأخيرة التي دامت اثني عشر يوماً أدت إلى انقسام المجتمع الإيراني إلى جبهتين مؤيدون لإسرائيل وهجماتها على إيران، وآخرون يعتبرون أنفسهم وطنيين يدافعون عن النظام الإيراني، ويضيف أن الذين يسعون إلى خيار ثالث أي رفض النظام الإيراني وفي الوقت ذاته رفض سياسات إسرائيل المناهضة للإنسانية يشكلون أقلية لكنهم يُعدون الحلفاء الحقيقيين، لأنهم يدركون أن الديمقراطية لا تُحقق لا بالهجمات الإسرائيلية ولا بالدعم الأعمى لإيران التي مارست القمع طوال ٤٦ عاماً".

 

اتباع نهج "الخط الثالث"

وأعربت عن فخرها بشعب بلوش في الجغرافيا الإيرانية، مشيرةً إلى أنهم أظهروا تضامناً لافتاً مع الأفغان في ظل الظروف الراهنة، من خلال تقديم مواد غذائية مغلّفة ومستحضرات صحية لهم "أن هذا النوع من التلاحم بين الشعوب يمكن أن يكون مخرجاً من المأزق السياسي الحالي، الذي يتأتى من جهة من السياسات القمعية للنظام الإيراني، ومن جهة أخرى من السياسات الاستعمارية المفروضة من الخارج، أن مسؤولية الجميع اليوم تكمن في تعزيز التضامن الشعبي لمواجهة هذه السياسات وإبطال مفعولها".

ولفتت الانتباه إلى أن السبيل لمواجهة القوى الرجعية والاستعمارية سواءً داخلية أو خارجية، يكمن في تنظيم الشعوب التي تضع خطوطاً حمراء واضحة إزاء تلك السياسات من خلال اتباع نهج "الخط الثالث" كمسار لمواجهة السياسات الاستعمارية "أن هذا التنظيم يجب أن يقوم على ثلاثة محاور أساسية المحور الأول يتعلق بالبقاء من خلال حماية الذات والوجود الشعبي، أما المحور الثاني فيتمثل في المقاومة التي تهدف إلى الحفاظ على الأمن وتعزيز التضامن بين الشعوب، في حين يركز المحور الثالث على إعادة البناء وتجاوز آثار الحروب الحالية".

وأكدت أنها لا تعتقد أن الحرب التي استمرت اثني عشر يوماً لن تتكرر، بل ترى أن الوضع السياسي الراهن في الشرق الأوسط والعالم قد يؤدي إلى استمرار النزاعات، وفي ظل هذه الظروف على النساء أن تتحملن مسؤولية كبيرة في قيادة عمليات التنظيم حيث يقع على عاتقهن توزيع المساعدات والموارد بشكل عادل، والحفاظ على النظام والأمن، وتعزيز التنسيق في جهود الإغاثة، إلى جانب تنمية روح التضامن الشعبي وتسريع عملية إعادة بناء المجتمع، معربةً عن أسفها لغياب الاهتمام بموضوع التنظيم ضمن برامج معظم الأحزاب السياسية، باستثناء عدد محدود منها.

 

أوضاع الأفغانيات

ووصفت إلهه صدر وضع النساء في أفغانستان بأنه مأساوي للغاية، مشيرة إلى أنهن تُحرمن من أبسط الحقوق، حيث لا يُسمح لهن بالكلام في الأماكن العامة، ولا بالخروج من المنازل بمفردهن إلا برفقة رجل، كما يُمنعن من متابعة التعليم، كما أن النساء المريضات لا يُسمح لطبيب رجل بمعالجتهن، في ظل واقع اقتصادي متردٍ يفاقم معاناتهن "إن إيران في ظل هذا الوضع تستقبل مئات آلاف الأفغان عبر حدودها، في وقت يعاني فيه معظمهم من غياب السكن، وفرص العمل، والمأوى، وخاصة النساء اللواتي تفتقرن إلى أبسط أشكال الدعم مثل دور الإيواء، التي تكاد تكون معدومة في أفغانستان، ونادرة جداً في إيران".